top of page
صورة الكاتبأسَل الصفّار

أفلام الرعب .. و أنا

ما هو نوع الأفلام التي لا تستهويني؟

أفلام الرعب.

و بأفلام الرعب أقصد مشاهد فتيات يركضن بالغابة شبه عاريات و ابله يطاردهم بمنشار ميكانيكي.

٤٥ سنة و أنا أشاهد الأفلام، و لم أستسغ أفلام الرعب.


لكن ..


هناك رعب من نوع آخر.

الرعب الذكي. الرعب الذي يمزج بين عبقرية رؤية المخرج، مع كلمات النص، مع الأداء الإستثنائي للممثل مع الموسيقى التصويرية.

هذا النوع من الرعب يعجبني، و يعجبني، ثم يعجبني.


دعوني أفسّر هلوستي أعلاه.


شخصية هانيبال ليكتر بفلم "صمت الحملان"

هل سبب لك خوفاً؟

أو لهؤلاء منكم الذين شاربين حليب السباع و ما يعرفون الخوف، هل سبب لكم "عدم أرتياح"؟

الآن دعنا نراجع فلم صمت الحملان بالكامل ..

.. سنلاحظ أن ليكتر لم يقم بأي عمل أو فعل جسماني يدل على العنف إلّا بمشهد صغير و لثوانٍ (يضرب الحارس بعصا، ثم .. .. .. يفتح فمه ..)

و مع ذلك هو أخافك (أو سبب لك عدم إرتياح)

طيب كيف حصل هذا بغياب السكاكين و المشارط و المنشار الميكانيكي؟


الجواب مذكور أعلاه ..


- عبقرية رؤية المخرج.

في بداية الفلم و بأول زيارة تقوم بها كلاريس ستارلِنگ لهانيبال ليكتر يحذرها مدير السجن مِن أن تقترب من زجاج زنزانة ليكتر، تعطيه أي شيء مدبب او معدني، أو تستجيب لأي إنذار يدعيه.

يقدم مدير السجن صورة لكلاريس و يقول لها إنها صورة لما تبقى من وجه احدى الممرضات التي صدّقت إدعاء ليكتر بأنه يمر بأزمة قلبية و حَلّت وثاقه ..

بالمشهد نحن لا نرى الصورة.

نسمع الكلمات، و نرى الرعب على وجه كلاريس.

و كان هذا كفاية لنا بأن نحسب حساب هذا المدعو ليكتر و نهابه قبل أن نشاهده.

بمشهد آخر نلاحظ أن ليكتر واقف بزنزانته بينما كلاريس تتحرك بعدم إرتياح ماشية يميناً و شمالاً و هي خارج الزنزانة.

هذا تماماً عكس ما يحدث عندما تُحبَس الوحوش. المتفرج يكون واقفاً بالخارج، و الوحش يتحرك بعدم إرتياح يميناً و شمالاً داخل القفص.


- النص و السيناريو.

لو فكّرتم قليلاً ستجدون أن الكلمات التي تُكتب بذكاء تسبب خوفاً لا يقل عن الخوف من الذئب في الغابة، الوحش تحت السرير، أو أي مصدر آخر للشعور بالخوف.

و كلمات هذا الفلم كانت بتلك الدرجة من الذكاء.


- أداء الممثل.

اذا ما اتفقنا أن هانيبل ليكتر قد أخافك، فأنك خفت من شخص كان واقفاً معظم الوقت، و يتكلم.

و هذا يدعى إتقان الأداء.


- الموسيقى التصويرية.

حاول أن تسمعها لوحدها. هناك ضربات على أوتار الچيلو لها تأثير الطائرات القاصفة على الأعصاب.


ينطبق نفس الكلام على فلم "فارس الظلام"

عبقرية المخرج كريستوفِر نولان

ذكاء النص. راقب رد فعلك كل مرّة يسرد بها الجوكر قصة حصوله على الجروح بأطراف فمه.

أداء هييث ليدجر بمشهد دخوله حفلة الأغنياء كان مؤثراً و مخيفاً كفاية لدرجة أن الممثل مايكل كاين نسى سطور النص التي كان المفروض أن يلقيها بنفس المشهد.

موسيقى هانز تسيمير تجمع بين وقع طبول الحرب، و مناجاة مِن غير نهاية للطفل الذي فقد والديه، و يعيش حياته ليثأر لهما.


هذا الرعب الذي يعجبني.


هذه الطريقة التي يعامل بها منتجيّ الفلم مشاهديهم بإحترام، بدلاً من السخرية من عقولهم بمناظر الدم و الأشلاء المتطايرة.




١٨ مشاهدةتعليق واحد (١)

1 Comment


Hussein AL-Naqeeb
Hussein AL-Naqeeb
Mar 16, 2022

تحليل رائع صديقي أسل و أنا أتفق معك

Like
bottom of page