top of page
صورة الكاتبداليا محمد

دراما رمضان ٢٠٢٤ برعاية السرقة والاحتيال وانعدام الاخلاق

ظواهر غير اخلاقية غريبة اصبحت منتشرة بشكل غير مسبوق في الدراما المصرية، ما أثار استياء الجماهير وزاد من انعدام ثقتهم في العالم الخارجي من حولهم بشكل مؤذي لنفسية المشاهد.



اصبح انعدام الاخلاق وخراب الذمم والضمائر هو السائد في البشر، بل في كثير من الاحيان يظهر الشخص المنحرف اخلاقياً على انه نموذج للانسان المثالي، كمثال في مسلسل "صلة رحم"، حيث يظهر البطل اياد نصار كونه انسان ملتزم اخلاقياً يشمئز من زميله الذي يجري عمليات اجهاض غير مشروعة ودائماً يحتقره ويقتصر في التعامل معه، ولكنه رغم ذلك يخون زوجته ويدخل في علاقة مع امرأة متزوجة، تعامل مع زوجته الأولى بقسوة حتى هربت منه وعادت إلى بلادها وحرمته من طفله، بل وأنه بمجرد شعوره برغبة قاتلة كي يكون أب، ذهب لطرق غير مشروعة وهي تأجير الرحم، بل وتعاون مع زميله الطبيب سيء السمعة وشاركه في جريمته وتستر عليه مقابل أن يساعده في مسألة تأجير الرحم من حيث اجراء زرع البيوضات والعثور على امرأة مناسبة للعملية.

وكذلك تعتبر زوجته الطبيبة ليلى انسانة مثالية يشهد لها الجميع بحسن الخلق، في حين أنها خالفت قانون المهنة وتزوجت مريض كان يتلقى العلاج منها، تعرف مدى انعدام اخلاقه وعلاقته بامرأة متزوجة، وتحدت عائلتها من أجله، بل أنها تعرف علاقة زوجة شقيقها برجل سابقاً ولم تخبر شقيقها بالأمر، بدأت التعارف وتبادل مشاعر الاعجاب بين رجل آخر وهي مازالت متزوجة ، ورغم انها طبيبة نفسية تساعد الجميع على تقبل ازمات حياتهم، إلا أنها تلفظت بكلمات بها الكثير من الكفر و الاعتراض على قضاء الله فور معرفتها بأمر استئصال الرحم.


كذلك نجد في مسلسل "صدفة" لريهام حجاج تعرض عامل الدليفري إلى عملية سرقة وسطو مسلح، حيث ذهب لتوصيل طلب طعام ولكنه اكتشف انه وقع في براثن عصابة سرقت منه المال والطعام و الدراجة البخارية واصابته بجرح عميق كاد يقتله، وكي تظهر نتيجة تحليل المخدرات سلبية عليك بتناول بعض اللبن مع الخل كما ورد بالمسلسل.


الموقف نفسه تكرر مع حسام في مسلسل "صلة رحم" حين ذهب لمقابلة طبيب من اجل عملية تأجير الرحم ولكنه يتعرض للسرقة والضرب المبرح أيضاً، كذلك المشهد ذاته في مسلسل "جري الوحوش" ، فضلاً عن مشاهد الرشوة في كل المسلسلات وكأن لا يوجد موظف واحد في الدولة يقوم بعمله بدون الحصول على رشوة في المقابل، فكي تعتني الممرضة بمريضتها لابد ان تحصل على المال والا لن تجيب النداء في حال استدعتها المريضة، كي يحصل الطبيب حسام على بيانات عن البويضات المجمدة الخاصة بزوجته رغم انه لا يفعل شيء غير قانوني، ولكن لابد ان يدفع المال، كذلك كي يخرق القانون وينقذ البيوضات قبل اعدامها لاتمام عملية تأجير رحم امرأة أخرى دون علم زوجته عليه فقط بدفع المال.


في مسلسل "صدفة" نجد موظفة الشهر العقاري تتقاضى رشوة مقابل تزوير العقود، وتعرف ابنتها بالأمر فتلجأ لحيلة مع زميلها بالمدرسة وتدعى أنه تم اختطافها كي تدفع والدتها الفدية للاحتيال على والدتها، وفي نفس المسلسل نجد الزوجة التي تحب زوجها المحترم ولكنها تخونه مع صديق والدها لأنها شعرت بالملل من الحياة الرتيبة معه، نجد أن المدرسة صدفة لا تعرف حتى ما هو الدرس الذي تشرحه لنجدهها في بداية الحصة تتحدث عن حادثة دنشواي ثم عن الملك رمسيس ثم عن الحملة الفرنسية، فتشتت الطلبة كي يلجأ الطالب للدرس الخصوصي، وتذهب مع الطلبة إلى الملهي الليلي للاحتفال بعيد ميلادها، وتعرض رشوة على مدير المدرسة كي يقبل بكتابة اعلاناتها على سور المدرسة، وتذهب لشراء المخدرات لإحدى الطالبات لديها، ثم بعد كل ذلك يشهد لها الجميع بحسن الخلق والفضيلة.


في مسلسل "بيت الرفاعي" لأمير كرارة يسير في الشارع ليلاً مع ابنته الطفلة الصغيرة، فيخرج امامه مجموعة بلطجية و يقطعون طريقه ويستولون على كل ماله بالاكراه وتحت تهديد السلاح.


في مسلسل "بـ١٠٠ راجل" لسمية الخشاب والذي لن نتحدث حالياً عن ملامحها المتخشبة كاسمها من كثرة عمليات التجميل، ولا حتى سنها غير المناسب اطلاقاً للدور، ولكن سأتحدث عن شيء مهم آخر وهو انها تعمل سائقة ميكروباص وبغض النظر عن انه لا توجد امرأة تقود ميكروباص في مصر، ولكن سنتغاضى عن هذا ايضاً، الاهم من كل ذلك انها شاهدت رجل يدفن جثة فصورت الجريمة بهاتفها المحمول وقامت بتوصيل الرجل لمنزله، بل انه اسقط الكارت الخاص به في سيارتها و الذي يحمل عنوانه وارقامه وعنوان شركته، ورغم كل ما تمتلكه من أدلة، إلا أنها ذهبت لمكان الدفن واخرجت رأس الجثة من قبرها وارسلتها على عنوان شركة القاتل في طرد وابتزته وطلبت منه المال كي تنقذ والدها الذي يحتاج لجراحة عاجلة، و ذلك بدلاً من الابلاغ عن الرجل القاتل، ثم يطلقون على المسلسل اسم "بـ١٠٠ راجل" رغم ان الابتزاز والتستر على الجرائم و تجاوز القانون في كل شيء ليس من شيم الرجال أو حتى النساء، في الوقت الذي ترفض فيه ان تستدين من كبير الموقف لأنه كما قالت "غاوي منظرة".


بمسلسل "لحظة غضب" نجد أن صبا مبارك قتلت زوجها بسبب نرجسيته وتعامله الجاف معها بشكل دائم، بالطبع هناك بعض النساء الرومانسيات واللاتي لا يتحملن المعاملة الجافة طوال الوقت، ولكن يوجد شيء يُدعى طلاق، خاصةً وانها امرأة عاملة وتستطيع الاعتماد على نفسها، ولكن هل يعقل أن تقتل المرأة زوجها لأنه لم يعجب بفستانها في حفل عيد ميلادها؟ ألا تعلم هي أن هناك أناس لا يعرفون حتى متى عيد ميلادهم من قسوة الحياة التي يعيشونها؟


في مسلسل "سر الهي" يتم اتهام روجينا بجريمة قتل ويتبنى المحامي الممثل أحمد مجدي الدفاع عنها، ولكنه يتم القبض عليه في قضية آداب، رغم انه يبدو محامي شريف لكنه أول من يتجاوز القانون، في مسلسل "نعمة الأفوكاتو" نجد مي عمر تحب زوجها أحمد زاهر حباً كبيراً، و فور أن تتحصل على مبلغ كبير من المال نظير اتعابها في قضية ما، تعطي زوجها ٨ ملايين جنيه وتبرر له الأمر بأنه أخيراً حصل على حكم لصالحه في قضية المنزل المتنازع عليه، وأنها قامت ببيع المنزل، ولكنه فور ان امسك المال بيده تزوج امرأة أخرى عليها، وحين اكتشفت الأمر قام بقتلها و القاء جثتها في قبر، في مسلسل بـ١٠٠ راجل ، قامت شقيقة البطلة سمية الخشاب بتلفيق تهمة لها وادخالها السجن لأنها رفضت أن تجعل زوجها يقود ميكروباص والدها.


في مسلسل "محارب" لحسن الرداد، بعد وفاة والدته في حادث سيارة واصراره على أخذ حق والدته بالقانون لمعاقبة الجاني، قامت اسرة القاتل ومحاميه بتلفيق تهمة له كي يضطر للتنازل على القضية، لنجد أن شقيقه الذي يقدم دوره محمود ياسين جونيور باع حق والدته وباع شقيقه أيضاً، طمعاً في الحصول على المال ودخول كلية الشرطة.


فضلاً عن مشاهد التدخين المنتشرة في كل المسلسلات والتي في بعض الأحيان تظهر وكأنها علامة قوة للبطل الذي لابد أن يدخن سيجارة بعد مشهد انتقامه مباشرةً وكأن السيجارة هي التي اعطته القوة على الانتقام.


للمواطن المصري الحق في مشاهدة دراما أخلاقية تحض على الالتزام بالقيم والتمسك بالعادات والمباديء وتحرص على اظهار طرق التصدي للفساد والصمود أمام قسوة الحياة وتعمل على ايقاظ الضمائر، ولكن حالة الغياب التام للقوانين و عدم احترام المواطن لها وابراز كل طرق التحايل على القانون وسيادة قانون الغاب لن يفيد الدراما المصرية، بل سيسبب لها التراجع أكثر و أكثر.


لنجد في المقابل المسلسلات التركية التي غزت العالم باصرارهم على التمسك باظهار الحب والتسامح بين البشر وطرق التصدي للشر والخبث وكيفية انتصار الخير بطرق شتى على الشر، احترام القوانين وحقوق الانسان والتصدي للفوضى، فمثلاً في المسلسلات التركي ممنوع مانعاً باتاً ظهور أي بطل أو بطلة يدخنون السجائر، حتى وإن كان تاجر مخدرات أو مجرم أو قاتل، وذلك لعدم الترويج للظاهرة ومساعدتها على الانتشار لأن إدراج التدخين ضمن المسلسلات إحدى الوسائل غير المباشرة في الإعلان عنه والتسويق له، لأنها تربطه بمشاهد اتخاذ قرار، أي أن المواقف لا تحلّ إلا بالتدخين، خاصةً بعد ظهور السجائر الالكترونية في أكثر من عمل تليفزيوني مصري مؤخراً.


كذلك نجد حرص الأبطال في المسلسلات التركي أثناء ركوبهم السيارة والتزامهم بربط أحزمة الأمان، حتى لمن يجلس في المقعد الخلفي، عقاب طلبة المدارس على كل فعل يرتكبونه مما يؤثر على مستقبلهم الجامعي، منع الغش في الامتحانات عن طريق عقاب الطالبين بحرمانهم من درجة الامتحان كاملة، لا وجود للأسلحة البيضاء في يد كل ابطال العمل ولا وجود نهائي لمشاهد تعاطي المخدرات والادمان، و الكثير من الاشياء التي توضح مدى احترام الشعب للقوانين، حتى وان لم يكن هذا حقيقياً ولكنه شيء ايجابي جداً في أعمالهم، كما كان الوضع من قبل في المسلسلات المصرية القديمة حيث كانت الدراما المصرية هي صاحبة الريادة في المنطقة العربية بأكملها، فكذلك كانت مشاهد ممنوعة في المسلسلات، بل كانت الرقابة تمنع أي لفظ خارج في الحوار، وكانت تمنع أي مشهد خارج، وحتى بداية الألفية الجديدة كان ممنوعاً تصوير رجل وإمرأة في غرفة مغلقة بمشهد واحد، التحفظ في الملابس وحتى في طرق التعبير عن الحب في مسلسلات أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي ومحمد صفاء عامر وغيرهم.


الفن لابد أن يسلط الضوء على الظواهر الإيجابية في المجتمع حتى يقدم قدوة للأطفال والشباب، لتربية أجيال واعية وتقديم قدوة بدل تصدير نماذج سيئة.

٤ مشاهدات٠ تعليق

Comments


bottom of page