top of page

فلم النظارة السوداء (١٩٦٣)

سبق عصره واستعرض فكرة جديدة في ذلك الوقت، بعيدة تماماً عن السذاجة وغياب المنطق وقصص الحب الأفلاطونية التي سادت و غزت أفلام ذلك العصر. كان يحلق خارج السرب، له هدف سامي ورسالة قدمها بأعظم تنفيذ يمكنك مشاهدته على الشاشة في هذا الوقت، انه واحدة من روائع الكاتب العظيم احسان عبد القدوس.


يتحدث عن الواعظين الناقدين لكل من حولهم، نظراً بظنهم الدائم بأنهم الأفضل دائماً، ولكن هل إذا سنحت لهم الفرصة، ليكونوا مثل غيرهم سيقبلون أم سيقاومون التغيير؟



كيف يمكن للمناصب أن تغير الانسان وتجعل منه فساداً بعد أن كان شريفاً يبحث عن الحق ولا يغفل عنه؟ وكيف هي طريقة الكبار وسياستهم المنحرفة وقوة تأثيرها التي حولت عمر من إنسان مثالي إلى متاجر بأصوات الجماهير؟

وكيف يمكن أن تتغير امرأة استباحت لنفسها كل شيء واعتادت على حياة السهر والمرح بلا حدود، لتتحول لامرأة جيدة تشعر بمن حولها وتقدم مساعدات للمجتمع وترفض الخطأ، فلا يمكن أن يتغير الانسان في ليلة وضحاها، ولكن بالاصرار والحب والعطاء والتدرج في الانسحاب من تلك الحياة شيئاً فشيئاً، يصبح حينها الأمر ممكناً.


وسؤال أخير ... هل يمكن للجميع أن يتغير؟ ولماذا اختار عمر شخصية مادي بالتحديد ليحاول تغييرها لتصبح امرأة افضل؟

انها بالطبع النظارة السوداء التي كانت ترتديها دائماً، ما يعني أنها تحاول أن تختبيء خلفها من أفعالها التي لا ترضى عنها من الداخل، ولكنها للأسف اعتادت على تلك الحياة بسبب والدتها، فبداخلها شيء دفين مازال مستقيظاً يُدعى الضمير.



شيء وحيد كان ينقص هذا العمل، وهو البناء الدرامي لشخصية عمر في الفيلم (الرواية اعطت الشخصية حقها) ، فلم يظهر مبرراً كافياً يدفعه لخوض تجربته مع مادي، فهو لم يكن عاشقاً لها في البداية ولا يوجد خلفية درامية توضح سبب اصراره على تغييرها، رغم انشغاله بعمله ومشكلات العمال في المصنع طوال الوقت، كما لم يظهر دافع يوضح سبب تغير عمر ليتحول إلى شخص وصولي ومغرور يتأثر بالآخرين بعد أن كان يترك تأثيره عليهم، كما كانت النهاية السعيدة ليست النهاية المناسبة لهكذا عمل، فربما يعود عمر لرشده وصوابه ولكن ليس ممكنأ أن يتزوج من امرأة مثل مادي و يكمل طريقه معها كما أشار المشهد الأخير والذي تغير عن نهاية الرواية حيث فضل عمر التخلي عن مبادئه سعياً وراء المال و لسلطة واكملت مادي طريقها المتحفظ بعد أن انقشع السواد والظلمة من حياتها للأبد.



تم عرض الفيلم في روسيا وظل عام كامل معروضاً بدور العرض هناك وحقق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر بروسيا و لاقى اقبال غير مسبوق، ليكون أول فيلم عربي مصري يُعرض هناك وكان الأخير للأسف، ومازال الجمهور الروسي يعرفون نادية لطفي وأحمد مظهر حتى الآن، بسبب ما حققه الفيلم من شعبية جارفة هناك.

حصل على العديد من الجوائز في مهرجان الفيلم السوفيتي عام ١٩٦٤، حيث ذهب الفنان أحمد مظهر مع الوفد السينمائي المصري بصحبة نادية لطفي وسعاد حسني وفاتن حمامة في نوفمبر ذاك العام لحضور مراسم المهرجان وتمثيل مصر سينمائيًا بفيلم "النظارة السوداء".

هكذا يكون الفن الراقي و هكذا تكون صناعة السينما الحقيقية التي تعيش.


تقييم الناقدة ★★★★

أحدث منشورات

عرض الكل

Comentários


bottom of page