كثيرة هي الأفلام التي تتحدث عن الحروب و ما تتركه من أثر في نفوس الجنود، وكثيرة هي الأفلام التي تتحدث عن ضحايا الحروب سواء الجنود الذين عادوا من الحروب بإصابات بالغة أو الذين قتلوا في ساحات المعارك، أو حتى الأرامل والأيتام والاسر التي تعاني في ظل غياب عائلها الوحيد أو الحبيبان التي تفرقهما الحروب بأي طريقة كانت ...
لكن قليلة هي الأفلام التي تناولت قضايا جرائم الحرب وصورت الجنود على أنهم مجرمين وليسوا ابطالاً، فالجنود ليسوا دائماً ملائكة شجعان تغمرهم الانسانية والشجاعة، بل إنهم بشر وقد يكونوا أسوأ البشر، فوجودهم في ساحات المعارك لا يعني بالضرورة أنهم شرفاء وحماة للوطن.
قليلة هي الأفلام التي توغلت في النفس البشرية والحالات النفسية السيئة والاضطراب النفسي الذي يعاني منه الجنود في ساحات المعارك، حتى قد يصل الأمر بهم ليتحولوا إلى مجرمين وليسوا حماة للوطن.
فيلم يُعد من أفضل أفلام الحروب التي تناولت الأثر النفسي السلبي الذي تتركه الحروب على جنودها الشباب، لدرجة أن يصبحوا هم ضحايا الحروب وليس فقط الفاقدين و المفقودين، حيث يصور الفيلم مدى الغل والكراهية التي يزرعها القادة في قلوب الجنود ضد الدول المعادية للدرجة التي تجعلهم يتصورون أن حتى النساء والاطفال ايضاً أعداء يتصدون لهم بالسلاح ومباح التصرف معهم بأي طريقة وبدون أي رحمة أو شفقة، حيث يعاني توني قائد الكتيبة من حقد وكراهية شديدة بعدما قُتِلَ جميع أصدقائه وآخرهم صديقه المقرب على يد الفتناميين في حرب فيتنام، وما زاد الطين بلة هو الكبت الذي يشعر به شاب في العشرين من عمره من المفترض أن يعيش حياته بدلاً من قضائها في ساحات المعارك.
فيبدأ الشاب في التغير و بعدما غامر بحياته لانقاذ اريكسون، أحد المستجدين في كتيبته حين ظل عالقاً لعدة دقائق في خندق، لنشعر أنه رجل في قمة الانسانية، إلا أنه يتحول ويصبح مجرم حرب يخطط لاختطاف فيتنامية من قرية المزارعين ظناً منه أن القرويين خدعوهم و اخفوا لديهم جنود فيتنام ما تسبب في الهجوم الذي قُتِلَ فيه صديقه.
وهنا يجد اريكسون نفسه بين عدة امور كل منها يسحبه بإتجاه مختلف. فمن جهة هو ممتن لمُنقِذه، من جهة يحاسبه ضميره بما ينوي منقذه أن يفعل تجاه فتاة مدنية بريئة، ومن جهة عليه أن يحسب حساب رد فعل من حوله من جنود وضباط وحتى الدولة التييكن ولائه اتجاهها اذا ما بلّغ عمّا يشهد.
فيلم رائع بمعنى الكلمة بأداء مذهل من الجميع يستحق المشاهدة، بل ويستحق اعادة انتاج له بامكانيات تصوير أفضل وحوار أقوى خاصة وأنه عن قصة حقيقية حدثت في حرب فيتنام بالفعل، حيث أعاب الفيلم بعض الأخطاء في التصوير والمكياج، ولم تكن الصورة في أفضل أحوالها، إلا أننا لا يمكننا بخس حقه بسبب بعض الأخطاء الصغيرة.
فيلم لن تندم على مشاهدته فهو الترشيح الامثل لمحبي أفلام الحروب التي تقدم في قالب انساني نفسي بحت، والضمائر الانسانية المعذبة، والنفوس الضائعة سواء الضحايا المدنيين، شهود جرائم الحرب، وحتى المعتدين اذا ما اخذنا بنظرالإعتبار الضغوط المتراكمة عليهم ، فكل هذا بسبب قرارات خاطئة اتخذها القادة والمسؤولين والحكام بدون معرفة أنها لن تأتي بثمارها بقدر ما ستأتي بخسائر لا تعوض في الأرواح و النفوس.
تقييم الناقدة ★★★★★
Comments