تم طرح الفيلم الأمريكي من بطولة كريس هيمسورث، مايلز تيلر، وجورني سمولت على منصة نتفليكس، وحقق الفيلم مشاهدات عالية منذ عرضه، خاصة في ظل انتظار كبير وشغف كبير من الجمهور في الولايات المتحدة ومعظم دول العالم لمشاهدة الفيلم المأخوذ عن قصة قصيرة من مجموعة قصص قصيرة حطمت الارقام القياسية في الأعلى مبيعاً داخل الولايات المتحدة.
القصة القصيرة كانت رائعة ومبهرة، خاصة بأسلوب سردها المميز وفكرتها الجديدة والأصلية، و لكن ربما كانت من الأفضل أن تظل بين طيات صفحات الكتب، فانتقالها للسينما لم يضف لجمالها شيئاً، وليس كل فكرة يمكن اقتباسها، خاصةً في ظل التنفيذ السيء للفكرة وعدم الاستغلال الأمثل لها.
فمشكلة الفيلم الحقيقية أنه ظل متمسكاً بحبكة القصة القصيرة من حيث قلة المواقف الدرامية وقلة الاحداث، وهذا لا يتناسب أبداً مع العرض على الشاشة، فالعرض على الشاشة يحتاج لتفاصيل أكثر وحبكة أكثر تعقيداً وتنقل في الاماكن. فالفيلم ليس قوياً ولم يتم تنفيذه بالطريقة الصحيحة، حيث كان خالياً من الأحداث التطورات، والعقد الدرامية. فكل شيء كان غاية في السهولة، فمبجرد وصول الأحداث للذروة تنفرج العقدة بمنتهى البساطة، كل شيء ينكشف بسهولة وينتهي بسهولة وعن طريق الحوار المباشر جداً، رغم وجود معظلة أخلاقية شديدة التعقيد وكانت تحتاج إلى تجسيد من خلال قصة قوية يظهر فيها تعارض الهدف من العقار مع حقيقة أثاره الجانبية البشعة. وهنا تكمن المعضلة الاخلاقية التي لم يحسن الكاتب والمخرج استغلالها، واكتفى بعرض الفكرة واستعراض أثار العقار الجانبية عن طريق الحوار فقط بدون تجسيد المعضلة في حدث كارثي يعقد الأمور، ويخلق الحبكة الدرامية.
قدّم جميع الأبطال أداء ممتاز للقصة، خاصةً كريس هيمسورث الذي يتخلى عن شخصية ثور التي أخذت من مسيرته الفنية الكثير وظلمت موهبته الكبيرة، حيث تألق في دور الصيدلي العبقري بمدى واسع من الوجوه ينقلنا مع كل واحد بالتدريج الذي يجعلك تتفاجيء بشخصيته بالفعل إن لم تكن من قارئي القصة القصيرة أو لديك فكرة مسبقة عن قصة الفيلم. حيث استطاع، ومن خلال جمل قصيرة اتقن أدائها أن يظهر جوهر الشخصية ودوافعها، الأسباب التي أدت به الى هنا وتلك التي ادت به ليفعل ما فعل.
كذلك كانت شخصية مايلز تيلر مكتوبة باحتراف شديد وتاريخ الشخصية و مبرراتها ودوافعها كانت جيدة، وأدى مايلز تيلر أفضل أداء لها، خاصةً وأن السيناريو أعطى تلك الشخصية حقها واظهر تاريخها وماضيها وصراعها النفسي.
في النهاية، الفيلم جيد لكن ينقصه الانتاج السخي الذي اهدر ببخله فرصة تقديم عمل سينمائي مبهر ذو قصة وحبكة مميزة بفكرة جديدة أصلية وغير مقتبسة من عمل أجنبي أو معادة الانتاج، ليبدو الفيلم وكأنه عمل مسرحي محدود الأماكن والمواقف والشخصيات، وأتمنى اعادة انتاج هذا الفيلم بحبكة أكثر قوة واحكاماً.
فرصة ضائعة لتقديم عمل سينمائي مبهر.
تقييم الناقدة ★★★
Comments