top of page

فيلم أنا لحبيبي (٢٠٢٣)

تاريخ التحديث: ١٥ مارس ٢٠٢٣



يحظى فيلمنا اليوم باهتمام كبير من قبل الجمهور والنقاد، حيث تُعد الأفلام الرومانسية قليلة الانتاج في مصر، فلا يتم انتاج هذه النوعية بشكل كبير غير فيلم في العام على الأكثر، وليس كل عام، ورغم أنه أصبح حديث السوشيال ميديا إلا أنه لم يحقق سوى اربعة ملايين جنيه مصري ايرادات فقط خلال اسبوعين عرض، وسنرصد كل نقاط ضعف الفيلم و قوته في السطور التالية.


حين تحاول صناعة فيلماً رومانسياً يدخل قلب وعقل الجمهور ويظل محفوراً في ذاكرة المشاهد لسنوات طويلة، فعليك ببذل مجهود خرافي ككاتب لاستحضار فكرة مبتكرة لم تقدمها السينما من قبل، فتلك هي النوعية السينمائية الوحيدة التي لا تقبل التكرار ولن يفيدها الاقتباس من فيلم آخر وعلى المؤلف أن يجتهد قدر المستطاع للخروج من الصندوق والعمل على فكرة جديدة تواكب العصر الذي نعيش فيه لتشعر بمصداقية الحكاية وتتعاطف مع قصة الحب.


و جاء الفيلم الذي من بطولة كريم فهمي وياسمين رئيس عكس ذلك تماماً، حيث يعتبر الفيلم كولاج فني أو مجموعة كيلشيهات محفوظة من أفلام سابقة عربية أو اجنبية تجمعت في فيلم جديد بوجوه وأبطال ليسوا حتى مناسبين للأدوار التي يجسدوها.


اعتمد الفيلم في عرضه على سرد القصة على هيئة رواية مكونة من خمسة فصول، كل فصل يحمل اسم أغنية من أغاني فيروز، وهو أمر محفز للمشاهد في بداية الفيلم، والفكرة هنا غير تقليدية، لكن التقليدي أن الفيلم نفسه تقليدي!

لم تكن التقليدية وحدها هي عيب الفيلم، لكن المشكلة أن الفيلم عبارة عن رواية هابطة بالفعل، أنقذها فقط نهايتها المؤثرة! ولا يوجد بها محتوى أو أحداث أو أي شيء، مجرد حكاية فارغة وخالية من أي أحداث قوية أو ترابط.


ففي ظل الواقع المرير الذي نعيشه ومدى صعوبة الزواج بسبب صعوبة شراء منزل الزوجية وغلاء أسعار الأدوات الكهربائية والسلع الغذائية، كما أن زيادة وارتفاع نسب الطلاق تسببت في خوف الشباب من الزواج وأصبحوا كارهين للفكرة نفسها وقليلاً الآن ما تجد الفتيات شاباً مقبل على الزواج.


وفي الوقت الذي أصبحت الأسر حالياً توافق بسهولة على "العريس الجاهز" كما يقولون حتى وإن كان مستواه الاجتماعي أقل من العروسة، نجد أن والدة البطلة في الفيلم ترفض البطل بسبب مستواه الاجتماعي الضعيف مادياً مقارنة بابنتها، رغم قدرته على توفير مسكن للزوجية والعيش مع ابنتها التي يحبها حياة كريمة، لتكون عائلة الفتاة هي السبب في تفريق العاشقان عن بعضهما، رغم امكانية تغيير سبب الفراق بين الحبيبين بأكثر من طريقة، فيكفي أن تتدخل الظروف العصيبة التي تحيط بالمجتمعات حالياً لتفريق الحبيبين.

مثل تواجد البطل في أوكرانيا التي تشتعل بالحرب الآن لاستكمال دراسته وعدم امكانية عودته للوطن، أو تعرضه لاصابة بالغة، أو تواجده في الصين بسبب عمل وقت جائحة الكورونا ما يصعب لقاء الحبيبين، أو أبسط سبب وهو تغير أو تقلب مشاعر أحد طرفي العلاقة وهذا قد يحدث كثيراً، فأحياناً يحتاج الانسان لوقت كبير كي يفهم مشاعره جيداً واحياناً يفوت الاوان قبل أن نفهم مشاعرنا كما هي ونعطي للأشخاص في حياتنا قيمتهم الحقيقية، وليس من الضرورة أبداً أن يحب الانسان شخص آخر في ظرف يوم و نصف بعد لقاء في القطار كما حدث في الفيلم، فالمشاعر الحقيقية تستغرق وقتاً للظهور، ويوجد ألف سبب وسبب، و لكن لم يجد الكاتب غير تدخل الأم للتفرقة بين ابنتها وحبيبها.


ورغم ذلك إذا تغاضينا عن هذه الفكرة وحاولنا استكمال الفيلم، فلن تجد ما يسر قلبك بأي حال من الأحوال، فالقصة متوقعة جداً وليس بها أي جديد يُذكر، ولا يوجد أي تغير في شخصيات العاشقان منذ بداية صناعة السينما، حتى ان المشاهد الرومانسية تم تقديمها من قبل في أكثر من عمل فني لهذه الفئة سواء عربي أو أجنبي أو تركي، فمشهد الرقص أسفل المطر تكرر في المسلسل التركي "حب أعمى" وكذلك مسلسل "زمهرير" و الفيلم الأمريكي "دفتر ملاحظات" والفيلم التركي "العشق الأبدي" والفيلم العربي "أنت عمري" والفيلم العربي "المراهقات".


فضلاً عن تفاصيل كثيرة في الفيلم لم تأخذ وقتها وكأن صناع العمل استيقظوا من النوم ليصنعوا فيلم رومانسياً فقط، لم يمهدوا لأي أحداث ولم تظهر تفاصيل كثيرة كانت ستؤثر في مجرى الأحداث، كفكرة حب الثنائي الأبطال للسيدة فيروز، لم يمهد المؤلف والمخرج لقصة حب كلاهما لذلك العنصر اللطيف الذي يجمعهما ويعبر عن حالة حبهما، بشكل عابر تحدث كريم فهمي عن حبه لأغنية لفيروز ومن ثم أصبحت فيروز العنصر الأساسي في العمل حتى أن اسم الفيلم على أغنيتها الشهيرة.

كذلك أن المشاهد لم يعرف حتى انتهاء الفيلم سبب الخلاف بين الابطال والذي كان نقطة بداية وانطلاق الأحداث ونقطة النهاية، والتي تسببت في تغير مجرى الأحداث بشكل جذري.


من المفترض أن النوع الرومانسي هو أكثر الأنواع السينمائية التي لا تحتاج إلى مجهود كبير من الابطال في الأداء، كونه أسهل الأنواع الفنية التي يمكن تقديمها، وربما يكون هذا حقيقي، ولكن الأفلام الرومانسية تحتاج لصفات خاصة ومحددة جداً في ابطال الحكاية كي يستطيع المشاهد تصديقهم، يجب أن تتسم ملامح الابطال بالدفيء و النظرات المعبرة الحنونة، و هذه ليست مرتبطة بالجمال أو الوسامة، فكريم فهمي وسيم وانيق ولكنه لا يتمتع بالملامح الدافئة المعبرة عن الحالة الرومانسية، ولا يمتلك الكاريزما أو الحضور الذي يؤهله لاداء هكذا دور، كذلك ياسمين رئيس رغم جمالها إلا أنها غير مناسبة اطلاقاً للدور، فلا تمتلك تلك الملامح الرومانسية الحالمة وفقدت قدرتها على التعبير بفضل عمليات النفخ والتجميل التي أجرتها، وشعرها غير المصفف بعناية والغير لائق على ملامحها، حيث ظهرت بشعر أشعث غير مرتب في أغلب مشاهد الفيلم، وحتى أنها غير مناسبة من حيث السن للشخصية التي تجسدها، ولم يكن هناك شيء يؤهلها للدور سوى أنها زوجة المخرج.


الأداء داخل الفيلم خاصةً من البطل و البطلة ظهر وكأنه اسكتشات مسرحية، أو كوميكس مرسومة على طريقة الروايات، أداء ضعيف، مشاهد قوية تمر مرور الكرام ولا تُفرد لها المساحة الكافية كمشهد الإنتحار.

ظهور أحمد حاتم في العمل لم يكن مؤثراً وإذا انفصل المشاهد عن المشاهدة لدقائق سيسقط منه دور “حاتم”! ظهور فاتر غير مؤثر ولا يوجد له مبرر درامي قوي.

سوسن بدر وبيومي فؤاد كانا الأقوى في حلقة التمثيل داخل الفيلم، ظهور “فؤاد” في دور مختلف عن أدواره جعله مميزا رغم صغر مساحة الدور، وتميزت “بدر” في دور الأم المتسلطة التي تحاول إيقاف الزواج بأي شكل من الأشكال.


ما أنقذ الفيلم قليلاً هو نهايته الحزينة و التي كنت أفضل وضع هذه النهاية لفيلم رومانسي بقصة أفضل وحبكة درامية اقوى.

كذلك الأجواء الساحرة باختيار أماكن تصوير جديدة و باهرة والاعتماد على التصوير الخارجي في أغلب مشاهد الفيلم بعيداً عن البيوت والشركات والمكاتب، ظهور كادرات وخلفيات عظيمة العنصر الاقوى في الفيلم كان التصوير والأماكن التي اعتمدها المخرج هادي الباجوري، منها الأقصر وأسوان ونوبيع وسيناء.


ما يثير الاستغراب هي حالة الإشادة الكبيرة التي يشهدها الفيلم على السوشيال ميديا، والتي دفعتني لمشاهدة الفيلم. فالجمهور يعبر عن اشتياقه لأفلام رومانسية وأن الفيلم بالفعل لبى رغبتهم، وإذا تعاملنا مع الأمر بحسن نية وأن الجمهور بالفعل يشيد بالفيلم وليست حملات مدفوعة، فأننا أمام مؤشر يدعو المنتجين للتأمل فالجمهور متشوق للأفلام الرومانسية فأين هذا التوجه من صناعة السينما في السنوات الأخيرة! الجمهور يعبر عن فرحه بفيلم ليس مُتقنا بالشكل المطلوب لمجرد فقط رغبتهم في مشاهدة الرومانسية على الشاشة، فماذا هو مقدار النجاح وحالة الاشادة التي قد يحققها فيلم رومانسي ذو طابع مختلف وفكرة براقة لم تستعرضها الشاشة من قبل؟


أجواء ساحرة بقصة حب فاترة. مجموعة كليشيهات صنعت فيلماً.


تقييم الناقدة ★★



٣ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

コメント


bottom of page