top of page

فيلم "العنكبوت" (٢٠٢٢)

الأعمال التي يتأخر وقت عرضها تكون دائماً محفوفة بالمخاطر، فحركة التغيير سريعة وما قد يكون جديداً قبل ثلاث سنوات، قد يصبح غير قابل للعرض بعد ذلك سواء على مستوى القصة أو التنفيذ.



في العموم لم يكن سقف التوقعات لفيلم العنكبوت عالياً ولم يكن الجمهور بإنتظاره بشغف كبير، فهناك عدة أسباب جعلت الفيلم يسقط من حسابات الجمهور، وذلك بسبب فترة التجميد للفيلم لثلاث سنوات، كما فقد الجمهور ثقته مؤخراً في اختيارات أحمد السقا بسبب عدة مشاركات ضعيفة للغاية اساءت لتاريخه وهزت صورة البطل الفارس في ذهن الجمهور منها مشاركته الضعيفة جداً في مسلسل "الاختيار" بجزئه الثالث، حيث قدّم أداءً باهتاً غير جذاب لشخصية معتادة منه كضابط مخابرات حربية، كذلك المسلسل الكارثي "نسل الأغراب" الذي جلب السخرية لمعظم عناصره، ثم دوره في بطولة جماعية بفيلم " ٢٠٠ جنيه" الذي كان نجاحه معقولاً.


كذلك تجارب السيناريست محمد ناير الأخيرة لم تكن بنفس المستوى القوة الذي قدمها سابقاً وأيضاً تجارب المخرج أحمد نادر جلال الأخيرة التي خيبت الآمال.



للأسف أن صناع الفيلم فوتوا على أنفسهم فرصة ليصنعوا فيلماً يٌخلد في ذاكرة السينما، فدائماً ما تكون مشكلة الفيلم الأكشن هو الاهتمام بالصورة والعوامل البصرية والتقنية على حساب الحبكة وتاريخ الشخصيات وبعض التفاصيل الدقيقة والمهمة التي تضيف كثيراً للفيلم.


وهنا لم يكن الأمر يحتاج إلى جهود كثيرة ليخرج العمل في صورة أفضل، حيث كان التنفيذ على مستوى الصورة وتنفيد مشاهد الأكشن والحركة مثالياً، إلا ان المشكلة الحقيقية كانت في الحبكة الدرامية وكتابة السيناريو والشخصيات.


فبالرغم من بطئ الأحداث في بداية الفيلم وثلثه الأخير، إلا أن هذا الأمر لم يصب في تفاصيل وتاريخ الشخصيات التي ظهرت بلا ماضي أو مبررات حقيقية، فكانت هشة ضعيفة رغم مشاركتها بقوة في الأحداث، حيث كانت شخصيات منى زكي وأحمد السقا وظافر العابدين فقط هي الشخصيات ذات الجذور والمكتوبة باهتمام، فيما عدا ذلك كانت الشخصيات بلا ماضي او تاريخ يجعل المشاهد يفهم تصرفات الشخصيات ودوافعهم.



من أكبر المشكلات التي تواجه صناعة السينما والدراما في مصر مؤخراً هي منطقية الأحداث التي يعجز جميع الكتاب والمؤلفين عن الالتزام بها لجعل الأحداث أكثر ترابطاً ولخلق بطل حقيقي يواجه الصعاب والمشقات حتى يحقق هدفه، وليس للصدفة دوراً في بطولته، بل كل شيء نتاج عقله وتفكيره وخططه للايقاع بالعصابة.


وهنا الأمر يتعلق بالعصابة التي يواجهها العنكبوت، فرغم أنها مقدمة بشكل العصابات الأمريكية حتى في مظاهر حياتهم أو حتى مشهد وفاة كبير العائلة = العصابة، إلا إنها بدت ضعيفة للغاية، فهناك مبرر قوي وثغرة كبيرة في الاحداث جعلت من العصابة سهلة الاهراق بشكل لا يُصدق، فكلما زاد التعقيد وزادت صعوبة الاختراق كلما زادت قيمة بطل العمل، فالبطل يكتسب قوته لدى الجمهور من قدرته على تخطي المهام المستحيلة، خاصة في هذه النوعية من الأعمال، فضلاً عن أنه من غير المنطقي أن تكون عصابة حجم تجارتها بالمليارات وعلى علاقة بعصابات عالمية وتكون هشة بهذا الشكل، رغم محاولات السيناريو المضنية لترسيخ فكرة مدى قوتها للمشاهد وكأنها مافيا دولية.



على مستوى الاداء لم يكن أيً من الابطال في حالة تألق باستثناء ظافر العابدين الذي قدم بالفعل أداءً مميزاً جداً وشخصية جديدة تماماً عليه أجاد تجسيدها ببراعة، كذلك تألق الرائع والراحل زكي فطين عبد الوهاب، والرائع أحمد فؤاد سليم.

فيما لم يقدم السقا أداءً مُقنعاً، كما أنه فقد لياقته البدنية وأصبح غير مؤهل لمشاهد الحركة والأكشن، كما كانت منى زكي في أقل حالاتها الفنية توهجاً، فهي ليست منى زكي بطلة مسلسل "لعبة نيوتين" صاحبة أفضل أداء في هذا العام، وكان دورها مشابه كثيراً لدورها في فيلم "من ٣٠ سنة"، كما أن شخصيتها لم تكن منطقية ابداً، فكيف لمرشدة سياحية تعرف عدد من اللغات أن تتحدث بهذه الطريقة و كأنها لم تتعلم في حياتها قط، كما أن مظهرها والباروكة العجيبة التي ظهرت بها أوحوا أنها إحدى فتيات الليل وليست مرشدة سياحية على الاطلاق!


الفيلم لم يقدم أي فكرة جديدة، بل أنه لا يوجد حتى أي مشهد جديد على السينما المصرية، وحتى نهايته شبيهة جداً بنهاية مسلسل "المشوار"، فكل مشهد من "العنكبوت"، يمكنك أن تتذكر مشهداً مماثلاً في السينما المصرية أو العالمية، فحتى البطلة ليلى (منى زكي) تتورط مع البطل حسن (أحمد السقا) في صراعه بالصدفة، مثلما تورطت زكي نفسها مع كريم عبد العزيز في فيلم "أبو علي" للمخرج أحمد جلال نفسه، كذلك مشاهد الحركة، والعصابة التي تتحدث كأنها عصابة "المافيا"، وحواراتها عن الوريث الشرعي للقيادة عقب مقتل زعيمها، كل شيء يضعنا في أجواء أفلام الحركة الأمريكية.



الملاحظة الأخيرة تشير بوضوح لصعوبة استمرار السقا كنجم أفلام أكشن كما اعتاد تقديم نفسه قديماً وحتى فيلم "هروب اضطراري"، خاصة بلياقته التي ظهر بها مؤخراً في رمضان، فنياً وجسدياً.


في النهاية و رغم أن الفيلم يعتبر مجموعة كولاج من أعمال فنية أخرى، إلا أنه لا يمكن انكار مدى المتعة البصرية أثناء تجربة المشاهدة، فالفيلم مسلي ويوفر لك تجربة بصرية مبهرة ومريحة للعين، ومرضية لمحبي نوعية الأكشن والحركة.


خلطة فنية جيدة ينقصها الاهتمام بالتفاصيل.


تقييم الناقدة ★★★



١٢ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page