top of page

فيلم الكاهن (٢٠٢١)

من الأفلام التي اثارت جدلاً كبيراً في الفترة الأخيرة، والذي كان من أكثر الأفلام التي انقسم حولها المشاهدين بين معجبين جداً بالفيلم وآخرين لم يعجبهم على الاطلاق، و بعض ممن يضعونه في خانة الفيلم المتوسط.


لنبدأ بالحديث عن ايجابيات الفيلم، وابرزها كان التصوير والاخراج، حيث كانت من أبرز وأفضل عناصر الفيلم هي الاضاءة الجيدة والصورة الواضحة والكادرات المميزة، فتميز الفيلم بصورة براقة وواضحة الألوان والمعالم حتى في أقل المشاهد اضاءة.

فيما تميز المخرج عثمان ابو لبن في اخراج أكثر من مشهد بين أكشن وحركة وقتل وتفجيرات، كانت جميعها مشاهد ممتازة و رائعة.



كما اتسم الفيلم باستعراض فكرة جيدة لا يتم التطرق لها كثيراً في السينما العالمية بشكل عام و العربية بشكل خاص، بالرغم من طرحها عدة مرات في الفترة الأخيرة بأكثر من عمل منهم فيلم "برا المنهج" و مسلسل "النهاية".

ففكرة الفيلم ليست جديدة على الاطلاق، بل تم عرضها في عدة أفلام اجنبية من قبل منها "angels & demons" وكذلك فيلم " Equilibrium"، ولكن اختلف الاطار والقالب السردي للفيلم العربي عن تلك الافلام، وبالرغم من جدية الفكرة التي يطرحها العمل، لم يقابل ذلك أي جدية في التنفيذ. فرغم جودتها، والتي يمكن استغلالها بشكل افضل بكثير من ذلك لاخراج قصة أكثر تميزاً، فالفيلم يثير الكثير من الأسئلة التي تمر في خاطر الكثيرون، مثل لماذا يحدث في العالم كل هذا؟ أو من المستفيد؟ ومن المتحكم؟ وآخر ما يمكننا التوصل له أن كل ما يحدث لصالح طرف خفي لا نستطيع تحديد هويته أو غرضه.

إلا أن الفيلم اخفق في الاجابة عن هذا التساؤل، ولم يقدم أي اجابة مقنعة للجمهور، بل حاول استعراض فكرة خيالية لا تمت للواقع بصلة ولم تجب عن أي تساؤلات، بل زادت من حيرة المشاهد وأصابته بحالة من التشكيك والهلع.


بناء درامي ضعيف، وقصة ساذجة، وسيناريو غير واضح المعالم، وتزاحم شديد في الأحداث بدون أوجه ربط مقنعة بين الحدث والآخر، أحداث بدون تمهيد وبدون تمهل في العرض، وسرعة كبيرة في عرض الأفكار ما جعل الكثير من النقاط غير واضحة وغير مفهومة، ما سبب للمشاهد الارتباك وتشويش في الأفكار.


و مع ذلك فيلم ” الكاهن” تميز بأنه يقدم نظرية المؤامرة من زاويتين متعارضتين، واحدة تؤمن بالنظرية ( مصطفي وفيروز) وواحدة لا تؤمن بها ( حسن)، غير أن السيناريو يميل إلى ترجيح الرأي الذي يؤمن بوجود مؤامرة، يتضح ذلك من خلال تطور الأحداث، ويتضح بنحو أكبر في المشهد التشكيلي البديع للمحفل الماسوني الكبير الذي احتوي على لحظات تنصيب “الكاهن” وهي لحظات فارقة انطوت على مفاجأة الفيلم الكبرى، وتغيرت على أساسها مصائر كثيرة.



كذلك الحوار كان مكتوباً باحتراف عالي ومراعياً الفروق العمرية بين كبار السن والشباب واختلاف طريقة التفكير بينهم وحتى الاهداف والمصالح، فمثلاً جاء الحوار عميقاً وهادئاً بين مجموعة النجوم الكبار، فيما جاء انفعالياً صاخباً بين مجموعة الممثلين الشباب.


الثلثان الأول والأخير من الفيلم هما الأقوى والأكثر تعبيراً عن فكرته الأساسية، لأنهما اعتمدا على الحوار الذي بلور نظرية المؤامرة، خاصة تلك التي كانت بين محسن محي الدين ودرة في مشاهد البداية، والتي كانت بين أحمد فؤاد سليم وفتحي عبد الوهاب وبين جمال سليمان وإياد نصار في المشاهد الأخيرة.

في حين اعتمد الثلث الأوسط على الحركة بنحو أكثر، ما سبب للمشاهد بعض الارتباك، نظراً لكثرة جرائم القتل المتلاحقة وتداخل العديد من الخيوط مع كثرة الشخصيات وتشعب مصائرها، ما زاد من ارتباك المشاهد.



بالرغم من المجهود الكبير الذي بُذل في تصوير مشهد المحفل، إلا أن النهاية لم تكن مقنعة، لأن لحظة حسم الصراع أتت سريعة، ومن قبل الأطراف الأكثر ضعفاً، لم تتناسب مع مكانة الكاهن وحجم المنظمة السرية ذات الأذرع الطويلة وتقنيات الحماية المعقدة.


من عناصر ضعف الفيلم الأداء السيء لبطلي الفيلم، حيث كانت درة من أسوأ الأداءات في الفيلم، لا وجود للاحساس، وجه خالي من التعبيرات، عيون جامدة باردة لا توحي بأي شيء، تشعر أنها حفيظة تردد الجمل الحوارية كالبغبغاء بدون أدنى محاولة منها لتجعل كلماتها تصل إلى المشاهد، وهذه دائماً مشكلة درة الرئيسية، فهي تؤدي فقط، بدون احساس أو مشاعر.

كذلك كان اياد نصار عادياً جداً، ولم يتألق في أي مشهد بالفيلم، ولم يكن حضوره طاغي وبارز كعادته. فيما كان الأداء الأفضل للنجم محمود حميدة والرائع أحمد فؤاد سليم وكذلك فتحي عبد الوهاب.



من وجهة نظرى أن الفيلم حاول التنبيه على مخاطر استخدام التكنولوجيا بشكل مفرط و بدون وعي، و هذا كان واضحا جداً من خلال احد المشاهد حيث كان حسن يستقل مترو الانفاق ويرى جميع الركاب يمسكون بهواتفهم المحمولة ويتفاعلون مع محتوياتها كالمنومين مغناطيسياً، بينما تصب معلوماتهم الخاصة وبياناتهم السرية في مكان آخر أعد خصيصاً لذلك.

و ربما تعمد الفيلم اظهار الموضوع بهذا الشكل المرعب كي يوقظ الشعوب ويحاول تحذيرهم من مساويء هذه التكنولوجيا وضرورة استخدامها بتعقل، فرسالته واضحة وهي أنك كمواطن لا تحصل على خدمة مجانية إلا لأنك أنت المنتج، وهذا بالطبع يُحسب للفيلم ويصب في صالحه ويجعله من الأفلام ذات المحتوى الجيد والهادف في الوقت ذاته وهذا قليلاً ما يحدث في السنوات الاخيرة، ولكني لست من محبي هذه النوعية من الافلام، والحديث عن المؤامرة الكونية لحكم العالم يشبه الدخول في بحر من الرمال المتحركة، حيث لا موضع قدم ثابت، واحتمال الغرق في المعلومات المضللة وارد جداً.

لذلك أفضل دائماً تقديم موضوعات بها معلومات حقيقية وترتكز على وقائع معروفة، لذلك لم يعجبني الفيلم كثيراً، ولكنه قد يكون ممتازاً وممتعاً لمحبي هذا النوعية.


كتحصيل حاصل كان الفلم فكرة جيدة في قالب درامي ضعيف.


تقييم الناقدة ★★★



أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page