قدمت ريهام حجاج حتى الآن أربع مسلسلات متتالية على مدار أربعة أعوام من بطولتها المطلقة، وكانت بداية انطلاقتها في مسلسل من بطولتها في شهر رمضان الكريم في عام ٢٠٢٠ حين قدمت مسلسلها "لما كنا صغيرين" بمشاركة النجوم خالد النبوي ومحمود حميدة.
وشهد المسلسل جواً من التآمر والخطط الدنيئة بعد مقتل صديقة ريهام حجاج في الأحداث التي جسدت دورها نسرين أمين، وعاش المشاهدين و الجمهور ٣٠ حلقة في أجواء لا تخلو من المؤامرات والخطط.
بعد النجاح المتوسط الذي حققه المسلسل، قدمت ريهام حجاج مسلسلها الثاني في العام التالي وهو مسلسل "كل ما نفترق" والذي شاركها فيه البطولة آيتن عامر وأحمد فهمي، وقدمت أيضاً جواً من المؤامرات بعد اكتشافها أن زوجها قتل شقيقتها التوأم وحاول قتلها هي الأخرى لتنتقم منه وتقتل شقيقته لترد له ما فعل.
و رغم اخفاق المسلسل في تحقيق أي نجاح يُذكر، جاء العام التالي الذي قدمت فيه مسلسل "يوتيرن" والذي شهد أيضاً جواً من المؤامرات والخطط طمعاً في ثروتها الكبيرة بعدما تعرضت للحقد من عائلتها.
ليأتي عام ٢٠٢٣ وتطل علينا ريهام حجاج بمسلسل "جميلة" المليء بالخطط و المؤامرات، بعدما ورثت مال والدها بأكمله، لنجد أن الجميع يطمع في ميراثها ويدبرون الخطط للاستيلاء على مالها ويحظون به دون شريك.
لتواصل ريهام حجاج تقديم أجواء المؤمرات والخطط وعدم الثقة في أقرب الناس إليك، لنعيش معها ونحن نخون الجميع حتى أخواتنا وعائلاتنا، وأقرب الناس إلينا، ولا احد يعلم سر اصرارها على تقديم هذه التيمة المستهلكة من الأساس، بل أن ريهام حجاج تحظى بملامح جامدة ليست مرنة وهادئة بفضل عمليات التجميل والنفخ، مما لا يساعدها على تقديم الانفاعلات الحادة والشخصيات الصعبة، ما يجعلها أفضل في تقديم الأعمال الرومانسية أو الدراما الاجتماعية الهادئة التي تحاول دائماً الابتعاد عنها دون سبب وجيه.
بتقييم مسلسل "جميلة" دون مقارنته بأعمال ريهام حجاج السابقة، نجد أن العمل مستواه الفني ضعيف للغاية ولا يحظى بأي عناصر قوة يمكن الاشادة بها على الاطلاق، بل وظهر هذا الضعف الفني منذ الحلقة الرابعة للمسلسل، رغم انه في العادة يحاول صناع الأعمال الفنية تقديم أفضل ما في القصة خلال العشر حلقات الاولى لجذب المشاهد للمتابعة، إلا أن الكاتب أيمن سلامة لم يفلح في صياغة ثلاث حلقات جيدين كبداية للمسلسل لجذب الجمهور الذي انصرف عن متابعة العمل واسقطه من حساباته بعد عرض أولى حلقاته التي صدرت عن المسلسل انطباع عن فقر مستواه الفني وضحالة فكرته المكررة والغاية في الاستهلاك.
الحبكة الدرامية للمسلسل تقريباً ليست موجودة، فالعمل سار في اتجاه محدد على مدار ٢٧ حلقة وهي قضية الميراث وتقسيمه ومحاولة الكشف عن سر اللغز الذي جعل والد الابناء يكتب كل املاكه لجميلة فقط دونً عن البقية، وطوال الأحداث ظل السيناريو والحوار يسير على هذا النحو، ولكن تنفجر الأحداث في الحلقة الـ٢٧ بعد اكتشاف ما فعله صديق زوج جميلة وتبديله لعينات التلقيح الصناعي كي تصبح حاملاً منه وليس من زوجها.
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل جميلة مطالبة من ريهام حجاج التي تركت عملها في النيابة وتحولت إلى محامية بتشريع قانون جديد لعدم تجريم الاجهاض في الحالات الاستثنائية مثل تلك التي حدثت بالمسلسل، و خضوعها لاجهاض آمن تحت اشراف طبي كامل يضمن سلامتها.
لتتغير قضية المسلسل فجأة و بدون أي مبرر درامي واضح لهذا الانقلاب، فلا يمكن لطبيب ان يضحي بسمعته وشهرته التي اسسها، من أجل اطماع غير مضمون له الحصول عليها، كما أن استعراض الفكرة وطرحها لم يأخذ حقه في العرض والايضاح ومناقشة جميع الاراء في قضية طبية دقيقة، وكأن الكاتب تعمد التقليل من مدة طرح قضية المسلسل الرئيسية، كي لا يضطر للاستفاضة في عرض الآراء التي ستؤدي به في نهاية لنتيجة واحدة وهي عدم ضرورة طرح القضية من الأساس.
لأن القضية ليست شائعة في القانون المصري، وإن حدثت فذلك بنسبة لا تتجاوز الـ١%، فلا يمكن تشريع قانون خاص لحالات فردية لا تتجاوز العشرات، ليستغله الأطباء عديمي الذمم أو النساء الخارجات على القانون من أجل قلة قليلة قد تُعد على أصابع اليد الواحدة.
ومع علمنا أن الكاتب من حقه اختيار القضية التي يناقشها، إلا أن العمل على مستوى الحبكة كان مترهلاً ضعيفاً، وأهدر الكاتب الكثير من الوقت والحلقات في أحداث ليس لها أي داع وحصر قضيته في ثلاث حلقات فقط، ما اضعف من قيمة عمل فني كان ليصبح أفضل من ذلك مع اختيار قضية جدلية تستحق المناقشة والطرح باستفاضة أكثر.
بالنسبة للأداء فحدث ولا حرج عن كمية المبالغة والتكلف من الجميع، بداية من البطلة ريهام حجاج وهاني عادل وحتى سوسن بدر وأحمد وفيق الممثلان المحترفان، إلا أنهما لم يقدما أي مشهد مميز وربما مساحات الأدوار لم تبرز موهبتهما، باستثناء يسرا اللوزي التي اقنعتني بالفعل بقدر شرها في الشخصية التي جسدتها وكانت مبهرة حقاً، ولأول مرة أراها في هذه الحالة من التألق والتوهج الفني.
الموسيقى التصويرية كانت غير موفقة على الاطلاق، بل استخدم صناع العمل نفس المقطوعة الموسيقية في معظم المشاهد، دون التفرقة بين مشهد حزين وآخر رومانسي.
في حين اعتمد المصورون على مشاهد معظمها داخلية بين المنازل والعيادات واماكن العمل، ما اعطى الصورة قتامة وشعور بالملل من تكرار نفس المشاهد على بصر المتابعين بنفس الاماكن والديكورات.
دائماً ما تلقى الفنانة ريهام حجاج هجوم شديد في كل عمل جديد تقوم ببطولته، البعض يقول لأنها تشتري النجومية وهي لا تتقن التمثيل، والبعض الآخر يؤكد انه بسبب عدم اختيارها الموفق للأدوار التي تناسبها وبسبب اصرارها على احتلال أكبر مساحة من العمل الدرامي وتحكمها في أدوار زملائها.
بعيداً عن كل هذه الأسباب التي هي حقيقية بالفعل، هناك سبب آخر وراء هذا الهجوم وعدم القبول لريهام حجاج ومسلسلاتها وهو اصرارها على تقديم مسلسل للاستعراض وليس لتقديم فن يحوي رسالة للمجتمع أو حتى فن مسلي وترفيهي.
حيث تتعمد ريهام حجاج الاعلان في مسلسلاتها عن أغلى ماركات الأزياء والملابس العالمية، لدرجة أن زوايا التصوير والاخراج دائماً ما تظهر حقائب البطلات في المسلسل بواجهة الكاميرا بدون داعي أو ضرورة درامية لذلك وكأنها جزء من الديكور أو الكادر.
والأمر أصبح مزعج جداً هذا العام لعين المشاهد الذي يرى حقائب أينما حل بنظره في أي مشهد وكأنه يعاين منتجات الحقائب في محلات تجارية وليس يشاهد مسلسلاً.
فضلاً عن الأزياء المثيرة للاستغراب ومنها البدلة التي ارتدتها ريهام حجاج والمعروفة باسم البيجامة، والتي لم تكن الاختيار الموفق أبداً لامرأة تعمل رئيسة نيابة في دائرة حكومية، بل هي بدلة تناسب أكثر النزهات الخفيفة.
في النهاية فكرة المسلسل وقضيته كانت تستحق عمل أفضل وأداء أفضل وممثلين أفضل وحبكة درامية أفضل وقصة أفضل واخراج أفضل، ولكن ماذا يمكن أن تقدم ريهام حجاج بأموالها ما هو أفضل من ذلك؟
تقييم الناقدة ★★
Comments