top of page

مسلسل شراب التوت البري

تاريخ التحديث: ١٩ مايو ٢٠٢٣

كيف يمكنك أن تعرف جودة المسلسل الذي تشاهده، خاصةً إذا كان مسلسل تركي معروف بالمط والتطويل والحشو الزائد؟

بالطبع ستكون الاجابة هي حين تجد نفسك لا تستطيع تخطي أي مشهد مهما كان طويلاً، أو حذف أي جملة حوارية بين أطراف الحكاية التي نراها.


و في الحقيقة أن مسلسلات تركية قليلة جداً هي التي تنجح في هذا الأمر، وهي التي تستطيع أن تجعلك جالساً أمام الشاشة لا تستطيع الحراك حتى تنتهي الحلقة، ولا يمكنك تفويت أي تفصيلة من الأحداث، حيث أن كل تفصيلة صغيرة تؤسس لبناء العلاقات بين الافراد، وتؤسس للخلاف القادم وسبب الصراع المتفاقم وتزيد من التوتر حتى يحدث الانفجار في الاحداث، الذي يتم التمهيد له بعناية فائقة.



أثارت الحلقة الأولى من المسلسل ضجة كبيرة جداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحقق شعبية جارفة ، بل وظل المسلسل متصدر التريند لعدة ساعات بعد عرض الحلقة، وحتى قبل عرض الحلقة بما يقرب الـ٢٤ ساعة، و هذا ما يبشر باستمرار المسلسل حتى وإن لم ترتفع نسب مشاهداته.


يعتبر المسلسل من بطولة سيلا ترك اوغلو بطلة مسلسل الأمانة، هو من أفضل مسلسلات الموسم واكثرها قوة ونجح بالفعل في جذب المشاهد له ليستمتع بكل تفاصيل وأحداث العمل حلقة بحلقة ومشهد يلو المشهد بحماس وشغف كبيرين وبدون لحظة ملل واحدة يمكن أن تتسلل للمشاهدين.

يناقش المسلسل بصدق كيف الانسان بطيبيعته يرفض الاختلاف وينفر ممن هم ليسوا منه، وأن الاختلاف بين الثقافات مثله مثل اختلاف الطبقات تماماً دائماً ما يسبب الاصطدام، والتوتر بين طرفي العلاقة.

فمهما حاول الانسان أن يكون متحضراً لا يمكنه ابداً تقبل من هو مختلف عنه في أفكاره ومن يسيء فهمه ويتصيد له الاخطاء، فالسيناريو حتى الآن مقنع جداً، حتى أن كل المشاجرات التي حدثت في المسلسل بين العائلتين يمكننا بسهولة أن نكون قد استمعنا لمثلها من قبل في عائلات متاشبهة مختلفة ثقافياً.


بالرغم من وجود الكثير من الانتقادات للمسلسل بأنه يعتدي على العادات والتقاليد، ولكن في الحقيقة أن هذا الاختلاف الكبير موجود في تركيا بالفعل بين كثير من الطبقات، لأن التحرر بتركيا فيه يكون بشكل زائد وكذلك التحفظ يميل إلى التشدد بعض الشيء ما يجعل الضفتين مختلفين تماماً، ما يسبب توتر وقلق ونزاع يصل حد الصراع بمجرد التقاء الطبقتين مختلفي التفكير، ينتهي بالفشل في الوصول إلى جسر يعبر بين الطبقتين.

لكن المسلسل يحاول ابراز الصورة واضحة و لا يمكننا أن نحكم على رسالة المسلسل قبل الانتهاء من مشاهدة حلقاته كاملة.


يناقش المسلسل قضايا اجتماعية جديدة بعيدة عن المعتاد طرحه من محتويات في الدراما التركية، مثل زواج الاجبار الذي يتحول إلى حب مع مرور الوقت، وكذلك قضايا حقوق المرأة وما تتعرض له من اهانات وتحقير.


حيث يطرح المسلسل مشكلة الاختلاف الثقافي بين العائلات وماذا يمكن أن يحدث إذا اصطدم الاختلاف الثقافي بعائلتين مختلفتين تماماً، والأخطر من ذلك هو التمسك باشياء لا نفهمها وندعي اننا أشخاص غير ما نحن عليه، والتظاهر بأشياء لا نؤمن بها من داخلنا، لنجد أن عائلة مديرة المدرسة هي عائلة تدعي التحضر وبالأخص تلك المربية الفاضلة التي تحاول تربية الجميع وفي الحقيقة أنها لا تستطيع أن تحكم ابنتها أو تعلمها كيفية الحفاظ على شرفها، فالشرف وعدم التزام الحشمة أشياء بالنسبة لها ليست مهمة على الاطلاق بقدر احترام قواعد الطعام ومواعيد الدخول والخروج، والالتزام بآداب الحديث والمائدة.


فحين اكتشفت حمل ابنتها لم تهتم بحجم المصيبة التي فعلتها الفتاة ولكن كل ما كان يجوب في عقلها، أنها لن تناسب عائلة محافظة كي لا تضطر قبول الآخر أو حتى احترامه، بل أنها تدعي التحضر وتدعم الحرية الشخصية ولكنها في الحقيقة متطرفة تهاجم نساء محجبات بدون أي سبب غير كونهم محجبات بطريقة تنم عن رجعيتها وتخلفها ولا تمت للتحضر بصلة، أليس من الحرية أن ترتدي كل امرأة ما تفضل وما تحب؟ إذا أراد الانسان ان يحصل حق الحرية فعليه أن يعطي نفس الحق لغيره؟


بل أنها ترفض فاتح كزوج لابنتها لمجرد احتفاظه بالعادات القديمة من وجهة نظرها دون أن تنظر إلى كم هو انسان راقي وحنون وذو اخلاق جيدة ولم يتخلى عن ابنتها في تلك المحنة وأوفى بوعده لها بالزواج و لم يتهرب منها.


كذلك نجد عائلة فاتح المتدينة الذين يغتابون عائلة دوغا بمجرد انسحابهم من الجلسة العائلية للنقاش في المطبخ، في الوقت الذي يدعون فيه التدين والالتزام الظاهري وليس الالتزام من الداخل، فالجميع يتمسك بالأشياء التي لا يعرف حتى معناها، ويقدر قيمتها الحقيقية، لنرى إلى أين سيأخذنا هذا الصراع وهل يمكن أن تتأقلم دوغا على الحياة مع عائلة زوجها فاتح الذين يرون أن اسرتها منفتحة بشكل زائد؟


مسلسلنا اليوم هو عبارة عن مقولة مأثورة او مثل شعبي تركي يعني "إن تقيأت الدم قل شربت شربات التوت البري"، ومعناه اخفاء الضيق والمعاناة والألم كون شراب التوت البري لونه أحمر تماماً كالدماء، كي لا نظهر حنقنا وضعفنا أمام الآخرين.


حققت جميع حلقات المسلسل نسب مشاهدات جيدة فهو في منطقة آمنة بعيدة عن الايقاف المفاجيء بسبب نسب المشاهدة المتدنية وكذلك بعيدة عن استغلال النجاح والاستمرار في موسم ثاني لا داعي منه.


دراما عميقة عن صراع الثقافات .. الأفضل بالموسم..


تقييم المسلسل ★★★★

١١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page