عُرضت الخميس الماضي الحلقة الأولى من المسلسل التركي الجديد "معجزة القرن" من بطولة بيركان صوكولو وايبرو شاهين، ورغم أن النجمين حققا نجاحاً باهراً في الفترة الماضية، حيث حققت ايبرو شاهين نجاحاً مدوياً بمسلسلها "زهرة الثالوث" ومن بعده مسلسل "الملحمة" وظلت متألقة على مدار ثلاث سنوات متتالية، في حين حقق بيركان صوكولو نجاحاً باهراً بمسلسله "شقة الابرياء" الذي تصدر لنسب المشاهدة طوال فترة عرضه.
ولكن وبالرغم من ذلك لم يحقق مسلسل "معجزة القرن" النجاح ذاته، حيث لم تحصل الحلقة الأولى منه إلا على تقييم وصل إلى ٢,٤٧% في فئة التوتال، وهي نسبة ضئيلة بالطبع، بينما احتل المركز الـ١٧ بين المسلسلات والبرامج الاعلى مشاهدة ليوم الخميس وهو أمر غير مبشر قد يكون سبباً في اتخاذ قرار بايقاف المسلسل قريباً.
وهذا الانخفاض الكبير في نسب المشاهدة، ينم عن ذوق الأتراك الواضح في اختيار الأعمال التي تجذبهم للمتابعة والأعمال التي ينفرون منها، فبالرغم من جودة فكرة المسلسل وتقديمها في أجواء ساحرة وبالرغم من كونها فكرة جديدة تماماً على الدراما التركية، إلا أنها لم تلق القبول المطلوب لها، حيث ينصرف المشاهد التركي عن متابعة الاعمال ذات الأفكار الغريبة و الغير مألوفة عليه، منها مسلسل "المستأجر المثالي" الذي لم يلق قبولاً من المشاهد التركي وانتهى بعد ٦ حلقات فقط.
فيما يتابع الشعب التركي عن كسب وبشغف كبير مسلسل "طائر الرفراف" كونه يقدم الخلطة السحرية التي تجذب الأتراك للمتابعة وهي الزواج الاجباري وما تتعرض له المرأة من ظلم واهانة وغيره، فتلك هي الأعمال التي تحقق أعلى نسب المشاهدات حتى أن مسلسل "شراب التوت البري" بعد أن بدأ يناقش نفس القضية وهي قضية تعنيف المرأة ارتفعت نسب مشاهداته وحلق في السماء بعد أن كان مستقراً على نسبة متدنية حتى نصف حلقاته تقريباً.
ولكن القصص المبتكرة والغريبة ليس لها ترحيب لدى الأتراك، وفي الحقيقة ان المسلسل رغم جودة فكرته إلا أنه لم يقدم الفكرة بشكل يجذب المشاهدين، وذلك بسبب فجوات السيناريو وعدم وجود تبريرات درامية كافية لمعظم الأحداث، حيث الرجل الذي يعيش منذ ١٣٠ عام والذي يظل في ربيع شبابه دائماً، و رغم ذلك لا يهتم أن يعرف سبب ما حدث له، ولم يتعجب ابداً من ذلك طوال فترة عشرين عاماً، بل أنه لم ينتبه للأمر إلا بعد أن لفت نظره صديقه، حتى أن زوجته ليلى لم تنتبه للأمر إلا بعد أن لفت صديقه نظرها إلى الموضوع، إلا انها قبل ذلك لم تنتبه أبداً إلى زوجها الذي لا يكبر في السن أو يشيب على مدار ٢٠ عاماً.
كما ان فكرة المسلسل مقتبسة من الفيلم الأمريكي "عصر أديلان" و كذلك المسلسل الكوري "الرجل الخالد" وحتى أن البطل بيركان صوكولو يشبه كثيراً بطل الفيلم الامريكي ولكن في الفيلم كانت البطلة هي التي تعاني من لعنة الشباب الدائم.
حتى أن علاقة الحب التي جمعت بين البطلة في الفيلم ووالد البطل والتي كشفت عن سرها في النهاية، نجد علاقة مشابهة لها في المسلسل حيث جمعت علاقة حب و زواج بين عمة هاريكا وكمال او علي طاهر، ولكن في الفيلم كانت البطلة تواجه تحدياً صعباً بالفعل، حيث كانت تبحث عنها وزارة البحث العلمي باعتبار انها ظاهرة يجب عليهم فحصها ودراستها جيداً من اجل استخلاص علاجات من خلاياها واجراء التجارب عليها لدعم البحث العلمي، الأمر الذي جعلها تضطر للهروب طوال الوقت، خوفاً من قضاء حياتها في المعامل والمختبرات.
ولكن في مسلسل معجزة القرن البطل ليس مضطراً لذلك لأن تركيا دولة لا تدعم البحث العلمي كثيراً، ولا تطارد البشر الخارقين الذي يتمتعون بهبات ربانية غريبة تميزهم عن باقي البشر، وممكن بسهولة أن يتعايش مع الوضع ويستغل حياته الطويلة لفعل أشياء هامة ومساعدة الآخرين، و تدوين كل ما يراه من تاريخ وكل ما عايشه من أحداث، فليس على الانسان ان يعيش من أجل نفسه فقط.
ولكننا نجده منطوي على نفسه وحزين وكئيب، ربما قد يحدث ذلك له بعد ملاحظة الأمر مباشرةً، فكل انسان يتمنى أن يكون طبيعياً وليس مادة للحديث وسط الجميع، ولكن لا يمكن أن يستغرق منه الأمر أكثر من ٧٠ عام كي يتعايش معه ، وليبحث عن هدف من حياته، ويبدأ في معرفة لماذا يعيش الانسان ويستغل ما اعطاه الله من هبة لا تتكرر مع أحد، فالله اعطاه حياة طويلة ولكنه في النهاية سيموت لا محالة.
كما أنه تعامل مع زوجته الثانية بظلم كبير، فكان عليه اخبارها بسره ويدعها تقرر و تختار بدلاً من تكرار مأساة زوجته الاولى التي انتحرت بسبب شعورها الدائم أنها لا تليق بزوجها، وكنه تجاهل مشاعرها وحبها له، ولم يخبرها حتى انه تزوج من قبل وأنجب طفلاً.
في النهاية القصة التي عرضها المسلسل لا تحتمل تقديمها في مسلسل مدة الحلقة الواحدة تتجاوز الساعتان، حيث تكفي القصة لتقديمها في فيلم سينمائي مدته لا تتجاوز الساعتان ونصف، ولكننا سنرى كيف ستسير الأحداث في الحلقات القادمة.
لكن بدأ جمهور النجمين ايبرو شاهين وبيركان صوكولو ينتابهم القلق بشأن ايقاف المسلسل، فالمسلسل من اخراج مخرجة الروائع هلال سارال، و التي مع الأسف توقفت معظم اعمالها الاخيرة منها مسلسل "زمهرير" ومسلسل "تل الصقر" وذلك بعد النجاح الباهر التي حققته في مسلسلات "العشق الممنوع" و"فاطمة" و"عودة مهند" و"حب أعمى".
تعليقات